Wednesday, January 2, 2008

نقل المدونة

قمت بنقل هذه المدونة إلى مكان آخر، ويوجد عليها جميع التدوينات السابقة.

فإن كان هناك أحد يقرأ لي فأرجو منه أن يزور مدونتي الجديدة.

Sunday, December 30, 2007

حتى الأطفال يساهمون في تغيير العالم

هل تغيير العالم مهمة مستحيلة؟
هل أصحاب النفوذ والقوة هم الوحيدين القادرين على التغيير؟
هذا طفل يضع مساهمته أمام كل من يسعى إلى جعل العالم مكاناً أجمل، حتى لو بكلمة، بجملة موسيقية، بصورة...
استمتعو معي


Tuesday, December 18, 2007

لقاء مع صاحب الدعوة ضد وزارة الاتصالات

بعد وزارة الاتصالات, وزارة الدفاع وشعبة للمخابرات أمام القضاء الإداري بدمشق

صاحب الدعوى ومالك موقع "النزاهة" لـ(كلنا شركاء):

قرار الحجب فردي, ولا خلفيات سياسية للقضية

خالد الاختيار

في تطور لافت وغير مسبوق, وبعد مضي ما يقارب الـ(40) يوما تقريبا على الدعوى المرفوعة ضد وزارة الاتصالات والتقانة من قبل موقع (النزاهة) ردا على عملية الحجب التي تعرض لها على مخدمات الانترنت السورية, قرر صاحب الموقع المحامي عبد الله علي توسيع دائرة الجهات التي يقاضيها بدعوى المسؤولية عن حجب موقعه لتشمل إضافة إلى وزارة الاتصالات السيد رئيس شعبة المخابرات العسكرية, والسيد وزير الدفاع بالإضافة إلى منصبيهما, والسيد المدير العام للمؤسسة العامة للاتصالات, وذلك إثر الرد الفريد من نوعه الذي تلقاه من وزارة الاتصالات نفسها في كتاب رسمي حمل الرقم /42/11939 ح وجاء فيه:

(موقع النزاهة محجوب بموجب توجيه الفرع 225 الوارد بالفاكس رقم 389 تا 3/10/2007)

وقد تأجلت جلسة المحكمة إلى 5-2-2008 بعد أن استمهلت محامية وزير الاتصالات للنظر في طلب إدخال الجهات الجديدة في المخاصمة القضائية.

عن هذه التطورات غير الاعتيادية في مسار قضية شكلت منذ بدايتها سابقة في الإعلام السوري بشكل عام والالكتروني على الأخص كان لـ(كلنا شركاء) هذا الحديث الخاص مع صاحب الدعوى ومالك موقع (النزاهة) المحامي عبد الله علي, حيث بادرناه بالسؤال الذي يطرح نفسه:

إلى أي حد أنتم مستعدون للمضي في هذه الدعوى بعد أن أخذت هذا المنحى الجديد؟

نحن سوف نمضي بها حتى النهاية.

ألا تعتقد أنّ رد الوزارة هذا يعفيها من المسؤولية المباشرة عن عملية الحجب التي تعرض لها موقعكم , وبالتالي تصبح الدعوى المرفوعة ضدها غير ذات معنى؟

أبدا, مع أن هذه هي المرة الأولى التي تقول فيها وزارة الاتصالات أن جهة أمنية بعينها هي وراء عملة الحجب, ومن الممكن جدا أن يكون هدف الوزارة من هذا التصريح هو أن تحرر نفسها من المسؤولية كما نوهت في سؤالك, لكنّ هذه الطريقة لن تنفع الوزارة في شيء, لأنّ وزارة الاتصالات تبقى عمليا مسؤولة عن الحجب حتى لو كان التوجيه بهذا الحجب صادرا عن جهة أمنية أو جهة حكومية أخرى, لأنّ تنفيذ الحجب عمليـّة تقوم بها الوزارة عبر مزود الخدمة الخاص بها أصلا, قبل أن تعمد إلى إرسال كتب إلى كافة مزودي الخدمة للالتزام بهذا التوجيه, وبذلك فهي تبقى مسؤولة.

هل تعتقد أن لديك فرصة قانونية للمتابعة في هذا الاتجاه في ظل القوانين الاستثنائية وحالة الطوارئ المعمول بها حاليا, بمعنى هل لمحكمة القضاء الإداري في دمشق سلطة قضائية على الجهات الأمنية والوزارات الأخرى التي تنوي مخاصمتها أيضا إضافة إلى وزارة الاتصالات والتقانة؟

بشكل عام, للقضاء سلطة على كل الجهات, وحتى الفروع الأمنية هي تابعة لجهة إدارية,

ونحن لا نقوم هنا بمخاصمة الفرع نفسه, وإنما شعبة المخابرات العسكرية التي يتبع الفرع لها, والتابعة بدورها لوزارة الدفاع, وهذه الجهات كلها مشمولة بحكم القضاء.

أما بالنسبة للإشارة لقانون الطوارئ أو الظروف الاستثنائية, فقد كان من الممكن لهذا الكلام أن يكون صحيحا فيما لو كان قرار الفرع بتنفيذ هذا الحجب قد صدر استنادا لقانون الطوارئ,

لكننا قمنا بالاطلاع على كتاب الفرع, وصياغته لا تدل على أنه صادر استنادا لقانون الطوارئ أو أي شيء من هذا القبيل.

هل كان سير التقاضي ومجريات المحاكمة ينبئان عن احتمال تلقيكم ردا كالذي بين أيديكم الآن؟

على الإطلاق, بل شكل ذلك مفاجئة حقيقية لنا, لا بل إنـّه كان مفاجئا للجميع دون استثناء, وهذا الأمر بالذات سيترك دون أدنى شك أثرا كبيرا على قضية حجب المواقع برمتها, إذ من المستغرب وغير المسبوق أن تعطي وزارة الاتصالات و التقانة جوابا كهذا.

وفي السابق كانت تراودنا الشكوك حول وجود جهات أمنية خلف قضية حجب المواقع, أمـّا أن يوجـّه إلينا كتاب بشكل رسمي بأن فرعا أمنيا بعينه قد أصدر توجيها بحجب مواقع؛ فهذا أمر يحصل للمرة الأولى.

هل يمكنك بناء على ما أسلفت التعميم بأنّ عمليات الحجب كلها تمت بهذه الطريقة في السابق؟

دعني أجيبك بالقول بأنـّه وفي شأن أحد المواقع بالذات كان واضحا وثابتا لدينا أن القرار إنـّما صدر عن المدير العام لمؤسسة الاتصالات, ولديّ هنا وثيقة كتابية أحتفظ بنسخة عنها حول هذا الأمر.

ما أريد قوله هو أنـّه أمسى من العسير أن يعرف المرء من هي الجهة المختصة بالحجب, فمرة هي فرع أمني, ومرة أخرى هو مدير الاتصالات, وتارة هو وزير الاتصالات, وتارة أخرى هو وزير الإعلام ...! وبالتالي ليس هناك جهة واحدة مسؤولة عن هذا الموضوع.

إذا فأنتم تنوون مقاضاة وزير الاتصالات الجديد أيضا؟

طبعا, فمخاصمتنا القضائية هي للمنصب وليس للشخص.

وماذا عن الوزير المقال, هل أصبح خارج القضية؟

لا علاقة لنا به من الآن فصاعدا, إلا إذا قررنا في يوم من الأيام أن نطالبه بالتعويض المادي والمعنوي عن الضرر الذي تسبب به لنا.

وهل تنوي متابعة العمل في هذه الدعوى القضائية كما بدأت بها بجهد فردي, أم أنـّك تلقيت عروضا من جهات وشخصيات أخرى مستعدة للوقوف إلى جانبك ومساندتك قانونيا؟

هنالك العديد من الجهات التي عرضت علينا المساعدة قانونيا وتطوعا من دون أي مقابل, لكننا قررنا أن نستمر في هذه الدعوى بشكل فردي.

هل ثمـّة هناك خلفيات معينة وراء قراركم هذا؟

السبب في ذلك هو أن غايتنا الأساسية تكمن في تطبيق القانون فحسب, ولا أهداف أخرى لنا على الإطلاق من وراء هذه الدعوى سوى ذلك, ولدينا أمل في القضاء السوري أن يعمل على ترسيخ مبدأ في هذا الموضوع بالذات؛ بالنظر إلى غياب أي نص قانوني فيه, وهو مبدأ نأمل أن يراعي الحقوق والحريات الأساسية التي ينصّ عليها الدستور السوري.

وأعود لأؤكد ألا خلفيات سياسية للموضوع البتة, ونحن واثقون أن مسألة حجب موقع (النزاهة) إنما هو تصرف فردي, ولو أن القرار بذلك صادر عن فرع أمني, إذ لا أعتقد بوجود أي توجه سياسي ضدنا كموقع من قبل أي جهة, وإنما هو تصرف شخصي من قبل أحد الضباط لا أكثر.

ولكن ماذا عن ردة فعل المواقع الأخرى التي تعرضت للحجب كذلك, هل أنتم على تواصل معهم اليوم؟

قي حقيقة الأمر لا أعرف ما الذي كان يمنع المواقع المحجوبة من اللجوء فيما مضى إلى القضاء والمطالبة بحقها في رفع الحجب, ولكنني على كل حال أعتبر أن القرار الذي اتخذناه برفع الدعوى هو تكملة للطريق التي سلكها من سبقنا من أصحاب تلك المواقع, والذين ربما كانت لهم طرقهم الخاصة بالتعامل مع الموضوع, لكننا كنا مصرين في موقعنا على أن يكون تعاملنا مع المسألة تعاملا (قانونيا)؛ أولا كي نتخلص من الحساسية السياسية للموضوع, وثانيا لأننا نريد العمل على ترسيخ قاعدة قانونية ومبدأ قضائي للتعاطي مع هذا الشأن كي نتخلص من الفوضى الموجودة حوله.

فالدعوى بحد ذاتها تعتبر سابقة في البلد –ربما كان لها مشابه أقدم في مصر- والجواب الذي تلقيناه حول مسؤولية أحد الفروع الأمنية عن قرار الحجب يعد أخطر خطوة في هذه الدعوى والأكثر فائدة فيها على السواء, لأنّ هذا كشف عن شيء ظل طي الكتمان لفترة طويلة, وهو

علاقة فروع الأمن بحجب المواقع, وما كان في السابق مبنيا على الشائعات والافتراضات أصبح اليوم موثقا في كتب رسمية.

هل لمست رغبة من أصحاب المواقع المحجوبة في الانضمام إليك وأخذ المنحى ذاته في التعاطي مع قضاياهم وقضايا مواقعهم؟

ما حدث هو العكس تماما, فنحن وقبل شروعنا برفع الدعوى قمنا بالاتصال مع أصحاب المواقع المحجوبة الأخرى, وسعينا إلى إقناعهم بأن تكون الدعوى جماعية؛ بعضهم رفض الفكرة, وبعضهم الآخر قال أن لديه حساسية معينة تجاه الموضوع, أو أن موضوعنا يختلف عن موضوعه, وأشياء من هذا القبيل, لذلك قررنا في النهاية خوض هذه التجربة منفردين.

لكن هذا بالطبع لا يعني أننا لا نتلقى الدعم المعنوي من أصحاب المواقع الأخرى.

لماذا تصرون على عدم القيام بأي تجديد لصفحات موقعكم, والذي يمكن لكم لو أردتم القيام بذلك متجاوزين عملية الحجب المفروضة عليكم؟

بالتأكيد ثمة طرق دائما نستطيع من خلالها تحديث الموقع, ونحن كنا قادرين كذلك على حجز (دومين) جديد لنقوم بربطه مع (الدومين) القديم, لكننا لم نفعل ذلك من باب أننا نؤمن بأنّه لدينا الحق بأن نعمل في موقعنا هذا بالذات, وأن ننشر من داخل سورية, بشكل طبيعي دون اللجوء إلى أسلوب (احتيالي) أيا كان, وهذا حقنا ونحن متمسكون به.

في كل هذه القضية لم يرد أي ذكر لوزارة الإعلام, على الرغم من أنها الجهة المعنية مباشرة بقضية من هذا النوع, ناهيك عما نسمع من إعداد لقانون جديد للمطبوعات يلحظ في قسم منه ما يسمى (تنظيم الإعلام الالكتروني), فلماذا ظلت هذه الجهة غائبة عن مجريات النقاش في هذه القضية بالذات؟

منذ تاريخ 25\07\2007 تغيرت سياسة الحجب في سوريا, وذلك بعد التفويض الذي تحصّل عليه وزير الاتصالات والتقانة من مجلس الوزراء, والذي أصدر على إثره ذلك التعميم المشهور (سيء الصيت), حيث يقرر فيه الوزير حجب أي موقع (يسيء للغير), وهذا التعميم يعتبر تطورا له دلالاته الكبيرة في سياسة الحجب في سوريا من حيث أنه نقل صلاحيات الحجب من وزارة الإعلام -كما كان الاعتقاد السائد- إلى وزير الاتصالات في حالات معينة, ناهيك عن أنه سمح لعملية اتخاذ قرار الحجب أن تأخذ بعدا شخصانيا, فلم يعد قرار حجب المواقع يتخذ على خلفيات سياسية, وصار بمقدور أي مسؤول أو مدير أو نافذ يشعر بالانزعاج من أنّ موقعا ما يسيء إلى سمعته؛ أن يتقدم بشكوى إلى الوزير الذي يقرر بشكل فردي حجب الموقع.

ويمكنك أن تلاحظ في التعميم نفسه أن النص يتطرق لـ(الذم والقدح) في حين أن الذم والقدح هي جريمة بنظر القانون لا تثبت الإدانة بها إلا بحكم قضائي.

وفي حال أراد الوزير أن يطبق القانون فعلا؛ فعليه إذ ذاك أن يستصدر حكما قضائيا ضد الموقع بأنه ارتكب جريمة الذم والقدح قبل أن يعمد إلى حجبه, وما جرى هو أن الوزير كان ينصب نفسه قاضيا يحكم فيمن يتوافر فيه شرط الذم والقدح المشار إليه, وهذا يدل على عدم توافر ضوابط للحجب, وأن الأمر يعود إلى المزاج الشخصي لهذا المسؤول أو ذاك.

وأنا أوافق بأنّ بقاء وزارة الإعلام خارج الصورة أمر غير مبرر, وإذا لاحظت فإن وزير الاتصالات السابق عمرو سالم في حديثه مع جريدة الشرق الأوسط بعد بضعة أيام من توزيعه لذلك التعميم؛ ميـّز بين وزارة الإعلام ووزارة الاتصالات, حيث قال أن الحجب هو من اختصاص وزارة الإعلام لأنه يتعلق بسياسة النشر وهذا كلامه حرفيا, وعندما سئل عن سبب تدخل وزارة الاتصالات بشأن التعليقات أو المقالات المنشورة بدون أسماء أجاب بأنه يملك تفويضا بذلك من مجلس الوزراء, وأضاف -وأنا هنا أقتبس كلامه تماما- (نحن المنفذ وليس لنا علاقة بالمحتوى), فكأنّ وزير الاتصالات يقول هنا بأن الحجب بشكل عام هو مسؤولية وزير الإعلام لكن وزارة الاتصالات تختص بالحجب في حالتين فقط: عندما ينشر تعليق ما بدون اسم, أو عندما تنشر مقالة بدون اسم, وبالتالي لا علاقة للوزير إذا بمضمون المقالة, غير أنّ ذلك كله ثبت فيما بعد عدم صحته.

بعد أن وصلتم في قضيتكم إلى هنا, هل تبين لكم أخيرا السبب الذي تمّ على أساسه حجب موقعكم منذ البداية؟

لم يقدم لي أحد أي سبب رسمي حول حجب موقع (النزاهة), ولكن تصورنا أنّ ذلك جاء بعد سلسلة مقالات نشرناها تتناول حكومة العطري, حيث استندنا فيها إلى نص المادة (122) من الدستور, وخلصنا إلى أن حكومة العطري هي حكومة تسيير أعمال وبالتالي لا حق لها في أن تعقد جلسات في مجلس الوزراء, أو أن تتخذ أي قرار خاصة في موضوع إعادة توزيع الدعم الذي كان مثار جدل واسع تلك الآونة, وظننا في حينه أن سلسلة المقالات تلك كانت السبب

في حجب الموقع, لكن بعد أن تأكدنا اليوم أن القرار صادر عن الفرع (225) عرفنا السبب الحقيقي وراء الحجب, واسمح لي بأن أتحفظ عن ذكره الآن إلى أن يحين الوقت المناسب لذلك.

Monday, December 17, 2007

تحية لكل من يطالب بحقه...

هذا الخبر نقلاً عن موقع الجمل:

القضاء الإداري يؤجل موعد النظر بدعوى حجب موقع النزاهة

وهكذا انكشف جزء هام من حقيقة حجب موقع النزاهة ومن يقف وراءه ؟؟

إذ بعد إنكار السيد وزير الاتصالات والتقانة مرتين متتاليتين، قيامه بإصدار قرار حجب الموقع المذكور . المرة الأولى في جواب سيادته على كتاب تقدم به مدير موقع النزاهة تحت رقم 10613 تا 6/11/2007 وكان جواب سيادته أنه لم يصدر عن وزارة الاتصالات أي قرار بحجب هذا الموقع . والمرة الثانية عبر ممثلته في الدعوى القضائية المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والتي أنكرت في المذكرة التي تقدمت بها بجلسة 4/12/2007 صدور أي قرار إداري بحجب الموقع المذكور .
تقدم المحامي عبد الله علي مالك ومدير موقع النزاهة بطلب جديد إلى وزارة الاتصالات سجل برقم 10860 تا 13/11/2007 يطلب فيه من السيد الوزير إبلاغه عن الجهة التي طلبت من وزارة الاتصالات حجب موقع النزاهة والأسباب التي اعتمدت عليها في طلب ذلك .
ورغم مرور الوقت وعقد أكثر من جلسة محاكمة أمام القضاء الإداري ، إلا أن الجواب على الطلب الثاني لم يرد إلا بتاريخ هذا اليوم 11/12/2007 أي بعد حوالي شهر على تقديمه ولم تعرف ما هي أسباب هذا التأخير مع أن إدارة الموقع كانت تتابع الطلب لحظة بلحظة ؟؟ علماً أن الجواب على الطلب الأول لم يستغرق سوى بضعة ايام فقط !!!
ومن خلال متابعة الطلب تبين لنا أن السيد الوزير أحال الطلب إلى المؤسسة العامة للاتصالات تحت رقم 3089/23 بتاريخ 22/11/2007 وقام مدير عام الاتصالات بإحالته إلى إدارة الشؤون الفنية قسم تبادل المعطيات برقم 15715 بتاريخ 25/11/2007 وبعد تحرير الجواب من قبل قسم تبادل المعطيات أعيد الطلب إلى السيد الوزير للاطلاع عليه بموجب كتاب رقمه 11939/42/ح بتاريخ 1/12/2007 . وكان الجواب المختصر على هذا الطلب هو ما يلي :


"
موقع النزاهة محجوب بناء على توجيه من الفرع 225 الوارد بالفاكس رقم 389 بتاريخ 3/10/2007"" .


وبناء على ذلك تقدمت إدارة الموقع على الفور بطلب إدخال السيد رئيس شعبة المخابرات العسكرية ووزير الدفاع بالإضافة لمنصبهما باعتبارهما الجهة الإدارية التي يتبع لها الفرع 225 مصدر قرار الحجب، في الدعوى الإدارية المقامة لإلغاء قرار الحجب ، كما طلبت إدخال السيد المدير العام للمؤسسة العامة للاتصالات كونه المسؤول المباشر عن قسم تبادل المعطيات الذي تلقى التوجيه من الفرع 225 بحجب موقع النزاهة وقام بتنفيذه دون الرجوع إلى السلطات الإدارية التي يتبع لها .


ويذكر أن موقع النزاهة كان قد تقدم في 6/11/2007 بدعوى قضائية بمواجهة السيد وزير الاتصالات والتقانة أمام محكمة القضاء الإداري بدمشق سجلت برقم 9996 يطلب فيها وقف تنفيذ وإلغاء قرار حجب موقع النزاهة . وقد عقدت حتى الآن أربع جلسات للنظر في هذه القضية في التواريخ التالية 13/11 و 27/11 و4/12 و11/12 وقد أجلت جلسة اليوم إلى تاريخ 5/2/2008 بعد استمهال محامية الوزارة للجواب على مذكرة ممثل موقع النزاهة وطلب الإدخال . وتعتبر هذه القضية الأولى من نوعها في سوريا وربما في العالم العربي .


والجدير ذكره أن هذه هي المرة الأولى في سوريا يثبت فيها بالوثائق الرسمية ضلوع أحد الفروع الأمنية في قضية حجب المواقع حيث كان موضوع الحجب والمسؤول عنه مكتنفاً بالغموض والإبهام ومحكوماً بالافتراض والتخمين والشائعات . وفي معظم حالات الحجب السابقة كان من المتعذر إن لم يكن من المستحيل معرفة الجهة التي أصدرت قرار الحجب . ويعتقد أن انكشاف الدور الخفي لأجهزة الأمن في حجب المواقع وممارسة الرقابة على الإعلام الالكتروني ستثير الكثير من الجدل في أوساط المثقفين السوريين .

Monday, November 26, 2007

نداء إلى جميع المدونات والمدونين والقراء

إلى المدونات والمدونون الأعزاء، إلى القراء مهما كان توجهكم في هذه الحياة، إلى كل من يرفض حجب نور المعرفة.

شاركونا حملة المعرفة حق لجميع الناس وقعوا العريضة، وانشروا الحملة على مدوناتكم ومواقعكم الخاصة، افعلوا ما تستطيعون ولنقف جنباً إلى جنب في سبيل القول لا ولو مرة واحدة في حياتنا ضد حجب النور عنا.

Tuesday, November 20, 2007

يحاولون حجب الشمس

نستيقظ كل يوم على خبر حجب موقع جديد على الانترنت. لا يكفي أن خدمة الانترنت لدينا في سوريا من أسوأ الخدمات المقدمة في الدول الأخرى وحتى الفقيرة منها ومن أعلى الأسعار في العالم، بل ويقومون بحجب المواقع أيضاً. حجبوا أمس موقع الـ Face Book والذي قبله موقع You Tube وقبلها العديد والعديد من المواقع الإخبارية والسياسية والمدونات. يتكلمون منذ عدة سنوات عن قانون جديد للإعلام يعطي هامشاً كبيراً من الحرية في نفس الوقت الذي يصدر فيه مجلس الوزراء قراراً يمنع على المواقع قبول أي تعليق من القراء ما لم يذكر المعلق اسمه وعنوانه تحت طائلة إغلاق الموقع بشكل نهائي. إنه الكذب والمراوغة بعينهما. يمكنني أن أفهم العقلية الأمنية التي يتمتع بها النظام عندما يحجب مواقع سياسية معادية له، ولكن ما لم أستطع إعطاء أي تفسير لحجب مواقع مثل الـ Face Book أو You Tube، من ماذا يخافون؟ هل يخشون أن يرى المواطن السوري بعضاً من أفعالهم على شكل صور أو مقاطع فيديو تفضح ممارساتهم؟ أم يا ترى يخشون من مجرد إمكانية تجمع الشباب والتعبير عن آرائهم بكل صراحة من خلال موقع مثل Face Book الذي يتيح لهم التحرك تحت أسماء مستعارة والانضمام إلى مجموعات من شتى الأشكال والاتجاهات وحتى عقد الاجتماعات لمناقشة المواضيع التي تهمهم؟ ولكن أحد التفسيرات المضحكة التي فكرت بها أيضاً هي أنهم يقومون بحجب المواقع التي تجد شيوعاً لدى مستخدم الانترنت السوري والتي تحتاج إلى نقل حجم كبير من البيانات كالصور والفيديو عن طريق الشبكة، مما يشكل ضغطاً كبيراً عليها وبالتالي تصبح الخدمة أسوأ مما هي عليه أصلاً لتفضح حقيقة الوعود الخلبية التي يطلقها وزير الاتصالات كل يوم عن تحسين واقع الانترنت في سوريا، بل وتفضح أيضاً الشعارات الرنان الذي يتغنون بها في كل مناسبة: الانترنت للجميع، المعلوماتية للجميع، تحسين واقع صناعة المعلوماتية في سوريا. لا تستغربوا، يمكن أن يكون هذا التفسير الأخير واقعياً، وخاصة لمن اعتاد على سياسة دفن الرأس في التراب بدلاً من إيجاد الحلول لمشاكل المجتمع المتعاظمة والتي لن تقود يوماً إلا إلى الانفجار الذي سوف أول ما سوف يطيح به هو مناصبهم.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى متى؟ هذا السؤال ليس موجهاً إليهم، لأن جوابه معروف: طالما الشعب السوري يقبل ويهلل ويمجد كل أفعالهم وأقوالهم وتعسفهم. بل موجهاً إلى المواطن السوري: إلى متى سوف تبقى واضعاً أنت أيضاً رأسك في الرمل لا تريد رؤية الحقيقة؟ إلى متى سوف تبقى صامتاً ترى كرامتك تهدر كل يوم ولا تفكر إلا بكيف تأتي بلقمة العيش لأولادك؟ إلى متى سوف ترضى على نفسك سرقة المال العام والخاص لتأتي بالدواء لطفلك؟ هل تعتقد أن مقولة "بمشي بجنب الحيط وبقول يا ربي السترة" سوف تبعدك عن المشاكل وتجعلك تعيش براحة؟ لا والله. إنها لن تأتي إلا بنتيجة عكسية. فطالما أنت خائف وصامت ومستقيل عقلياً، فلن تهنأ بالعيش أبداً. فأنت تشجعهم على قطع الكهرباء ساعات وساعات يومياً ومن ثم يلقون اللوم عليك لأنك تستهلك أكثر من حاجتك. ويقطعون الماء عنك. ولا يفعلون شيئاً تجاه الارتفاع الجنوني للأسعار، بل ينتهجون سياسات عشوائية لن تؤدي إلا إلى تردي مستوى معيشتك. ويذلوك كل يوم ويدوسون على كرامتك لتوقيع معاملة، أو لتأمين عمل أو لتأمين طبيب لوالدتك المريضة. أم أنك استسغت طعم المر والذل الذي تذوقه كل يوم وأنت تحاول إيجاد وسيلة للنقل تقلك إلى عملك الذي لا يكفي دخله سوى لسد الرمق؟ أم أن كرامتك لم تعد تعنيك عندما يستغلك صاحب العمل ويهينك كل يوم ولا تحصل في النهاية سوى على الفتات، دون أن تجد قانوناً يحميك أو نقابة تطالب بحقوقك، فالقائمون عليها مشغولون بالحفاظ على مناصبهم وتحقيق القدر الأكبر من المنفعة وفي التمجيد لمنجزات الحركة التصحيحية وامتدادها: مسيرة التطوير والتحديث. إنهم لا يحدثون ولا يطورون سوى الأسماء والشعارات. وليس البدء الفعلي برفع الدعم عن المحروقات دون وجود بنية اقتصادية واجتماعية واقية، وليست الاعتقالات والتضييق على الحريات وحجب المواقع سوى آخر إرهاصات تلك الحركة التصحيحية وآخر إنجازات مسيرة التطوير والتحديث.

ليست المشكلة في حجب هذا الموقع أو ذاك، بل المشكلة أنهم يتمادون أكثر فأكثر، ولو استطاعوا لقننوا علينا الهواء الذي نتنفسه. إنهم يخشون من كل كلمة يمكن أن نقولها، لذلك يحاولون خنقنا لنصبح غير قادرين على المطالبة بحقنا في العيش بكرامة. لم يخطئ الكواكبي عندما قال: لو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفاً لما ظلمه.

وأريد أن أختم بالتأكيد على أمر أؤمن به تماماً: إن من يحاول حجب نور الشمس فلا بد أن تحرقه.

Tuesday, November 6, 2007

نحو الخروج من دائرة العلمنة واللبرلة

مازال الغموض يلف اثنين من أهم المفاهيم التي تحيط بنا في المجال الفكري والسياسي وعلى مستوى الممارسة. العلمانية والليبرالية. ولا أعتقد أن يوماً سيأتي ونشهد فيه حلاً لتلك القضية، أي الاتفاق على مدلولات هذين المفهومين من قبل المؤيدين والمعارضين لهما. والأشد سوءً من ذلك هو مطابقة الديمقراطية عند البعض مع هذين المفهومين. لا شك أن الديمقراطية تتلاقى مع العلمانية والليبرالية في عدة مستويات عند فحص هذه المفاهيم بدقة، ولكن تنفصل في نفس الوقت عنهما في مستويات أخرى.

هذا الغموض انعكس على طبيعة الصراع الذي تخوضه كافة القوى في مجتمعاتنا العربية، فبدل أن يتم توجيه القدرات والإمكانات الفكرية في سبيل حل الأزمات الكبرى والتخلص من الآفات التي نعاني منها من جهل وتخلف عن العودة مرة أخرى إلى السياق التاريخي الإنساني كأحد الأطراف المنتجة لمكونات الحضارة الإنسانية، وليس كمستهلكين فقط لنتاجها المادي. بدل ذلك كله، كرسنا أنفسنا للدفاع عن هذه المفاهيم أو الهجوم عليها أو الهجوم على الآخرين من خلالها وبسببها.

بعد فشل القوى العلمانوية، في منتصف القرن الماضي، في حل القضايا العربية وفي مقدمتها قضية التحرر والتنمية برزت أصوات القوى الإسلاموية، في العقدين الماضيين، تنادي بـ "الإسلام هو الحل" وبعد فشل هذه الأخيرة في صياغة مشروع قابل للحياة على أرض الواقع عاد مرة أخرى العلمانويون للظهور إلى السطح مدعومين من قبل قوى ليبرالوية بعد انتهاء الحرب الباردة وانحسار نفوذ الماركسيين. لكن بدا هذا الظهور ضعيفاً عن سابقه بسبب فشل المحاولات الأولى من جهة ونمو القوى الإسلاموية من جهة أخرى، ورافقه تغني تلك القوى بنفس أسطوانة الحل الإسلامي ولكن بصوت آخر: "العلمانية هي الحل" أو " الليبرالية هي الحل".

لكن، ألم يحن الوقت للخروج من دائرة الدفاع والهجوم والاختلاف حول هذه المفاهيم؟

تم تحويل العلمانية من إطار عام يحدد العلاقة بين الدين والدولة، وبالتالي نظرة القانون تجاه المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والطائفية، إلى دين بحد ذاته، أي أدلجة العلمانية وتحويلها إلى مفهوم جامد قادر بل يقوم بالفعل بالمزاحمة على طرح إجابات على الأسئلة الكونية الكبرى. تمت عملية التحويل تلك على أيدي العلمانويون والإسلامويون بشكل تبادلي، حيث قام هؤلاء بجعل العلمانية نفياً للدين، أي حولوها إلى دين له عصبياته الخاصة وربما طوائفه أيضاً. وبدأ العلمانويون يحاربون الدين بشكل عام والإسلام بشكل خاص في العلن في بعض الأحيان وفي الخفاء في أحيان كثيرة، وهاجم الإسلامويون بدورهم العلمانية نتيجة هذا الفهم ذاته وكونها مفهوم جاء من الغرب الكافر الذي يريد القضاء على الإسلام من خلال الغزو الثقافي والفكري الذي يمارسه لاستعمار العقول تمهيداً لإعادة استعمار البلاد.

ومن جهة أخرى، نجد بعض العلمانيين انزلقوا إلى تلك المعركة محاولين الدفاع عن العلمانية. إلا أنهم وفي رأيي أخطؤوا في الاتجاه، فقاموا بمحاولة تقديم الوجه الحسن للعلمانية وكأنها مفهوم جامد مرة أخرى لا يتحرك مع حركة المكان والزمان مبتعدين بذلك عن أي محاولة لنقده ووضعه في تصرف أدوات الدراسة والتحليل. ولم ينجو البعض القليل من الإسلاميين الذين آمنوا بالعلمانية كممارسة فصل الدين عن الدولة دون التخلي عن إسلامهم، لم ينجوا من هذا المنزلق فألبسوا العلمانية رداءً إسلامياً في محاولة لحل التناقض الذي صنعه المؤدلجون من كلا الطرفين من ناحية، ومن ناحية أخرى في محاولة لتسويق هذا المفهوم في الأوساط الإسلامية ولجعله مقبولاً لدى أوسع شريحة اجتماعية. وكان استنادهم الأساسي على حديث الرسول: "أنتم أعلم بأمور دنياكم". من المنطقي إذاً أن تكون النتيجة هي فشل كل تلك المحاولات، لسببين: الأول كما ذكرنا ابتعادهم عن تحليل هذا المفهوم ونقده من خلال إيمانهم بصلاحيته لحل جميع الإشكالات المزمنة لمجتمعات العالم العربي، والثاني هو الضجيج الإعلامي الذي يخلقه كلاً من العلمانويون والإسلاميون الذي يطغى على كل حديث هادئ.

وبدورها تعرضت الليبرالية لنفس عمليات الأدلجة التي قام بها كلاً من الليبرالويون والإسلامويون مرة أخرى. ولكن بدرجة أقل، لأن الليبرالية واضحة المعالم بشكل أكبر، بما هي فلسفة للحرية. وأدى عدم فهم حركة الفلسفة الليبرالية عبر التاريخ والدول إلى مصادرتها من قبل البعض ومناداتهم بالحل الليبرالي. قدس هؤلاء الحرية الفردية بغض النظر عن أي اعتبار آخر واعتبروا أن المدخل لنيل هذه الحرية هو أولية الإصلاحات الاقتصادية وفتح الأسواق وتشجيع الاستثمارات، لتحقيق الرفاه المادي لمختلف شرائح المجتمع، وبعد ذلك تصبح الديمقراطية والحريات العامة والدينية والفردية تحصيل حاصل. ومما عزز موقف هؤلاء، بل وجهه أيضاً، هو دعم القوى الرأسمالية المستحدثة التي رأت في هذا التوجه تحقيقاً لمصالحها العليا المتمثلة في مراكمة رأس المال. ولتحقيق ذلك، أصبح من الضروري تعزيز التوجه الشعبي نحو تعظيم الاستهلاك المادي بما يعوض الجماهير عن عقدة النقص الحضاري تجاه الغرب من خلال تقليده في الملبس والمأكل وحتى في استخدام الكثير من مفرداته اللغوية ظناً منها أنها دليل الثقافة والحرية والتحرر. وإذا علمنا أن أصحاب رؤوس الأموال والمسيطرين فعلياً على مفاصل الحركة الاقتصادية في العالم العربي هم في الواقع من مفرزات النظام الحاكم أو حتى من مكوناته الأساسية، وأن استمرار الطبقة-الدولة لا تكون إلا بتهميش دور المجتمع والإبقاء عليه متخلفاً غير واعٍ لمصالحه والحفاظ على السلطة القمعية في مواجهة مصالح الأغلبية الشعبية، لتيقنا أن الهدف الخفي، الواضح، هو زيادة إفقار جميع شرائح المجتمع من خلال هضم فائض قيمة العمل الحقيقة، وتعميم ثقافة الاستهلاك التي لن تنتج إلا أفراداً متناحرين يسرق كلاً منهم الآخر للحصول على آخر ما توصلت إليه منتجات الماركات العالمية حتى على مستوى الدجاج. وبما أن الهدف الأسمى للقوى الرأسمالية المستحدثة هو تحقيق الربح بأسرع وقت وأسهل الطرق، بالإضافة إلى فشلها في تطوير وسائل الإنتاج، نجد أن الاقتصاد الذي أنتجته هو اقتصاد ريعي لا يعتمد على إنتاج حاجات المجتمع بل على استيراد وإنتاج الكماليات مما يؤدي إلى امتصاص الموارد الطبيعية الوطنية لتأمين القطع الأجنبي اللازم لذلك، وهذا الاستنزاف للموارد يزيد بدوره مرة أخرى من فقر الدولة وتحميل أعباء إضافية على المواطنين لرفد خزينة الدولة بالموارد المالية اللازمة لإنجاز بعض الخدمات العامة التي لابد منها لتحقيق الحد الأدنى من البنية التحتية لهذا الاقتصاد الريعي. وبما أن قدرة المواطن محدودة ولا يمكن فرض أعباء إضافية عليه إلى ما لانهاية، فلا سبيل آخر سوى زيادة الدين العام، لننتهي إلى زيادة التدهور الاقتصادي وتعميق الهوة بين طبقة أقلية مسيطرة في المجتمع وبين باقي طبقات المجتمع، في الحقيقة لن يبقى في الطرف الآخر سوى الطبقة الفقيرة المسحوقة والمذلولة في سبيل تأمين لقمة العيش. وبالتالي نجد أنفسنا أمام رأسمالية محلية تابعة في مقابل رأسمالية غربية مسيطرة حتى على القرار السياسي بسبب ضعف القدرة الوطنية على مواجهة التحديات اعتماداً على جماهير مغلوب على أمرها، ولعدم توفر إرادة التصدي للهيمنة الغربية بالإضافة إلى الازدياد المضطرد للدَّين العام.

ما هي النتيجة إذاً؟ سقطنا مرة أخرى في فخ الشعارات الفارغة ووقعنا مرة أخرى فريسة تسلط واستبداد أقلية طبقية مع تغير في الوجوه والأساليب مثل استبدال العصا بالصاعق الكهربائي في السجون.

قاوم الإسلاموين ومازالوا، الفكر الليبرالي كما يطرحه الليبرالويون، وكما فهموه هم أنفسهم كمعطى جاهز قادم من الغرب للاستهلاك العربي. لم يجدوا في الليبرالية سوى الإباحية والتحلل الأخلاقي، لم يجدوا فيها سوى المايوه والكليبات الهابطة كنتيجة حتمية للغزو الثقافي الغربي. من الخطأ القول هنا أن فهم الليبرالويون لهذه الفلسفة وممارساتهم على أرض الواقع قد انعكس على شكل رد فعل سلبي تجاهها من قبل الإسلامويون. بل أخذ كل منهما موقعه على حلبة الصراع من خلال تشويه الليبرالية وتفصيلها على مقاساتهم لتحقيق مصالحهم الذاتية في النفوذ والسلطة.

في ظل تدهور أوضاع المواطن العربي المادية والروحية بعد فشل جميع القوى القوموية والعلمانوية والليبرالوية والإسلاموية في الخروج من مآزق المجتمعات نحو الحضارة الإنسانية، وتحت تأثير الضغط الغربي نحو تحقيق الديمقراطية في الوطن العربي واحترام حقوق الإنسان وترسيخ قيمة الحرية، اتجهت معظم إن لم نقل جميع القوى السياسية والنخب الثقافية العربية لإدراج الديمقراطية في خطابها وبرنامجها السياسي كهدف أسمى يجب النضال من أجله في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى كوسيلة تدعم النضال من أجل تحرر الوطن والمواطن والفكر. "لكن المهم في الموضوع هو إدراك أن الديمقراطية، وإن كانت جزءاً من مشروع اجتماعي، لا تشكل بذاتها هذا المشروع، ولا يمكن أن تكون بديلاً عنه، وهو ما بدأنا نخشاه اليوم نتيجة لتبني شعارها من قبل أحزاب أو قوى سياسية فرغت جعبتها السياسية والاجتماعية والأيديولوجية من أي مشروع مقنع فجعلت من الديمقراطية خشبة خلاص لها وللمتجمع بشكل عام".(1)

وما نخشى منه أيضاً هو ظهور ما يمكن تسميتهم يوماً ما بالديمقراطويون، ونقع في نفس الخطأ للمرة الرابعة من خلال الإيمان بمقولة "الديمقراطية هي الحل". فيجب أن ندرك "أن الديمقراطية هي نظام حكم، أي هي نظام ومؤسسة. وأنها تطمح كنظام أن تكون وسيلة لحل مسألة السلطة في المجتمع، بقدر ما ترتبط هذه السلطة بحياة هذا المجتمع في كل أوجهها. ولا يعني تقديم حل للسلطة تقديم حلول تلقائية للاستقلال الوطني وللتنمية وللعدالة الاجتماعية وللتوزيع. كما أن الديمقراطية ليست نظاماً معطى نستورده ونلبسه للدولة التي بنيناها على طريقتنا وللمجتمع الذي حطمنا هياكله كما شئنا فنحصل على نظام ديمقراطي. إن الديمقراطية معركة اجتماعية وسياسية من أجل إيجاد تعديلات بنيوية في طبيعة الدولة والمجتمع معاً".(2)

لا يمكننا إذن من الناحية العملية الشروع في بناء ديمقراطية حقيقة ما لم نباشر فوراً، وفي نفس الوقت، بتأسيس حاضنة اجتماعية لها، قادرة على رعايتها وحمايتها من الانحراف عن غاياتها. تلك الحاضنة ليست سوى منظومة قيمية اجتماعية جديدة تنطلق من المواطن الفرد بوصفه إنساناً وكائناً اجتماعياً ضمن نظام علاقاتي من الحقوق والواجبات. إذن، نحن نتحدث هنا عن ثورة اجتماعية شاملة تمس مجموعة القيم والعادات والمفاهيم والأفكار والممارسات العملية، وتتناولها بأسلوب نقدي جدي يهدف إلى تنقيتها وتنقيحها بل واستبدالها في كثير من الأحيان. ولا يمكن لهذه المنظومة القيمية الجديدة أن تنجح في دعم الحلول للقضايا الكبرى إلا إذا تحققت ثلاثة شروط:

أولاً: يجب أن نبرهن بأن أصل المشكلة لا يكمن في أشخاص بعينهم ولا في سلوكيات إشكالية هنا وهناك، ولا حتى في سياسات حكومية خاطئة، بل يكمن في ما وراء ذلك، وهو النظام السياسي والفكري والاجتماعي القائم برمته. أي يجب أن نبرهن على الحاجة إلى التغيير الجذري في مختلف المجالات وعلى التوازي. هذه المهمة، ليست في الحقيقة، تحصيل حاصل أو نتيجة بديهية للشعور بوجود المشكلة أو لمعاينة المشاكل التي يعاني منها المجتمع من تدني في مستوى معيشة الفرد، والانحطاط الأخلاقي للإنسان العربي، وتدهور نظم التعليم، والتبعية الاقتصادية والسياسية المباشرة والغير مباشرة للدول الكبرى. فالجميع يعي كل ذلك ويلمسه بشكل يومي، ولكن كم من الناس يدركون الجذور؟ فلا تكفي معرفتنا بأن مشكلة عدم قدرتنا على الحركة هو ظلام الغرفة، بل يجب أن نعمق تلك المعرفة من خلال التحقق من سبب عدم وجود النور ومن ثم إيجاد الحل المناسب. في الواقع يحتاج مثل هذا البرهان إلى جهود جبارة لإقناع المجتمع بالحاجة إلى التغيير، لأن هذا التغيير لا يكون إلا بهم ولهم. وتكفي كل تلك السنين من الاستقالة الجماعية عن حمل المسؤولية والسير في الظل بانتظار القدر يرمي بنا حيث يشاء الآخرون.

ثانياً: يجب أن تكون قادرة على تعيين ذاتها على أرض الواقع، أي على الخروج من الدائرة النظرية إلى الممارسة العملية. وهذا لا يتحقق إلا إذا خرجت هي أساساً من صلب الواقع، أي من خلال دراسة وتحليل مختلف جوانب المشكلة وعرض كافة الأفكار والممارسات الحالية على أدوات النقد، لمعرفة ما نحن بحاجة إليه بشكل فعلي بما ينسجم مع الأساس الإنساني الذي نستند إليه.

ثالثاً: يجب أن تشكل القاعدة المشتركة والمعبرة عن مصالح مختلف الفئات الاجتماعية، والتي يمكن للجميع الالتفاف حولها وحمايتها، مثل مجموعة القيم المعبرة عن الحقوق الأساسية للإنسان كحق الحياة والعيش الكريم والتعلم والعمل دون أي اعتبارات لأي اختلاف من أي نوع كان. إذاً لا يجب أن تتجاهل تلك المنظومة الجديدة مصالح الغالبية المتدينة في المجتمع في الحفاظ على القيم الدينية، في نفس الوقت الذي يجب أن تعبر فيه أيضاً عن مصالح أولئك الغير متدينين.

مازالت الأزمات تتلاحق وتزداد تعقيداً وتشابكاً في كل يوم نتأخر فيه عن التحرك والعمل لإيجاد الحلول للمسائل المصيرية المطروحة أمامنا اليوم. وفي المقابل هناك الكثير من الأمل لأن الشعوب تريد الحياة، وعندما تريدها فلا بد أن يستجيب القدر. وحتى نعبر عن تلك الإرادة يجب أولاً أن نسحب استقالتنا ونعود إلى العمل، ويجب أن يكون المثقفون أول من يبدأ تلك الحركة والنشاط والكف عن التكاسل والخوف حتى يستحقوا على الأقل الألقاب التي منحت لهم.

1) برهان غليون – بيان من أجل الديمقراطية – الطبعة الخامسة - ص 220

2) المرجع السابق - ص 221